من عساه ينتظر زاهي وهبي؟ من تراها تكون تلك الغريبة؟ هل هي المرأة التي طالما تغنى بها الشاعر حبيبةً وزوجةً وأمّاً؟ أم أنها الحرب التي ينتظرها الجميع بخوف وقلق؟
«انتظار الغريبة» عنوان فيه التباس يكاد يزيد تعقيداً كلّما تقدّمنا في قراءة الديوان. فالغريبة هي عادةً المجهول الذي غالباً ما يولّد فينا رعباً مما هو غير متوقع.
لكنّ الغريبة أيضاً تحمل دلالات السحر والإثارة والغموض، ممّا يُضفي إلى فعل الإنتظار معاني الأمل والشوق واللذّة: «أنتظرك يا غريبة/ علّك فجأة تأتين/ بلا موعد، بلا سابق عناق/ لا عطر سوى المسام/ لا زينة غير ابتسامة/ متخففة من ماضٍ مضى/ من أعباء الآخرين وأورام الذات/ لا همّ سوى رجفة غير متوقعة/ توقدها نظرة مباغتة/ أو سلام خاطف»...
في ديوانه الصادر عن دار الساقي، يكتب زاهي وهبي قصائده تحت عنوانين متقاربين لغوياً ومتباعدين موضوعياً هما: «الحبّ» و«الحرب». يختار الشاعر، الذي كان الحبّ دوماً ثيمة قصائده الرئيسة، أن يقترب من المناخات السائدة في عالمنا العربي، ليحكي عن الموت والظلم والأسى. يستعيد مشاهد حرب أهلية دمرّت كل ما فينا خوفاً من أن تعود لتُدمّر قليل ما صلُح فينا.
باستفهام العارف يسأل في قصيدته «ماذا تعرفون عن الحرب؟» لعلّ أبناء الحاضر يعتبرون من دروس الماضي وويلاته. إنها قصيدة طويلة أشبه بسرد شعري مستقى من أجواء الحرب اللبنانية يكتبها وهبي لعلّها تُذكّر، إن نفعت الذكرى: «لم يكن العطب فينا/ لم يكن العُطب في المحاربين المُتعبين/ كلّ الحروب خاسرة/ كلّ الحروب/ كلّ الدروب الموصلة إلى موت قبل الأوان/ الحرب طاحونة الأعمار/ الرصاص ألزهايمر الفتوة/ المتاريس حواجز الأماني/ الدخان عطر الخراب/ تباً للحرب/ تباً للخراب»...
أضف هذا الخبر إلى موقعك:
إنسخ الكود في الأعلى ثم ألصقه على صفتحك أو مدونتك أو موقعك
كن أول شخص وأضف تعليق على هذا الخبر الآن!